بقلم الأديب الشاعر /محمد الحسيني

أجنحة على مقاعد الضوء – 1
"أغنية الورقة الأولى"

كنتُ نغمةً صغيرةً في سريرِ الورقة،
ألهو بقطرةِ ندى… كما لو أنّ العالمَ كلَّهُ كرةُ ضوءٍ تنتظرني.
وربّما كان لي في كلِّ ابتسامةٍ "زُبدةُ فجرٍ" لم يقل لي أحدٌ كيف أمضي نحوها.

كنتُ دودةً صغيرةً، أزحفُ بين الأعشاب،
أحسبُ الورقةَ قارّةً، والغصنَ نافذةَ الكون…
كأنّ كلَّ شيءٍ غريبٌ أمامي، وكلَّ شيءٍ جديد.
حتى الهواءُ، فكّرتُ يومًا: "ما قيمتُه؟"
ثم همستُ لنفسي: "ربّما، ربّما هو من يحملُ لي أسرارًا لا أعرفها؟"

كان لي رفقةٌ، جلُّهُم يسخرُ منّي،
يتضاحكن ويشرن: "سمينةٌ، بطيئةٌ، لا تعرفُ سوى مضغِ الطعام!"
كنتُ أحاولُ أن أبرّر حينًا، وأحيانًا ألوذُ بضحكةِ صمت.

كنتُ أختبئُ في بطني،
أمتصُّ العالمَ لقمةً لقمة،
وأُقنعُ نفسي أنَّ البطءَ نوعٌ من الفهم،
وأنَّ الضحكَ، بكلِّ أحضانِ الصمت، نوعٌ من احتواء السخرية.

كنتُ أُغنّي بين القَضمةِ والمَضغة،
أرفعُ جناحيَ الروحيَّ وأتمنّى عزفَ وهمٍ صغير:
"سأبتلعُ كلَّ ألوانِ الضوء ورقةً ورقة،
وأُغرّدُ بجناحٍ لا يُشبهُ الجناح،
وأصيرُ نفسي فراشة."

هكذا وُلدتُ، بين أحضانِ نَعناعٍ ورَيحانة،
طفلةً لا تفقهُ إلّا الفضول،
ودودةً تحملُ غابةً في قلبها،
تستعدُّ لدرسِ "الشَّرنقة"،
لأوَّل طيران،
لأوَّل ضحكةٍ حقيقيّة.

✍️ محمد الحسيني ــ لبنان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الأديبة /رضا العزايزة

الشاعر / حسن علي النشار

بقلم الأديب الشاعر /محمود عمر ابو فراس